
الاذى يلاحقنا، وقد نكون نحن من نلاحقه ، يزعجنا وقد نكون نحن من نزعجه ، الاذى جزء لا يتجزء من حياتنا وقد نكون نحن جزء من حياته ، فبكل تأكيد هو الباق ونحن الزائلون .
الفارق بيننا وبينه أنه يتحملنا ونحن لا نتحمله ، ولذلك هو يعيش معنا بسلام لا يشتكي منا ولا يشكونا لأحد ونحن لا نكف عن الشكوى فالأذي شبح يلاحقنا، كل يوم يكشف لنا عن وجه جديد، وكل يوم يتلبس لنا بشخص جديد ولكنه هو نفسه أنه الاذي تنسينا وجوهه حقيقته، وينسينا من يتلبسهم أنهم ثوب يلبسه، لا تشرق شمس يوم جديد الا وقد أبصرت عيوننا المزيد فاليوم قريبٌ أخطأ، أوصديقٌ أذنب ، أوزميلٌ وشّى وأجرم ، زوجٌ مزعج أو أبنٌ مقلق أو جارٌ ضار ، تأذينا نظرة الغريب الطويله ، و نظرة القريب العاتبة ، ونظرة ربِّ عمل يأنّب، تأذينا كلمة نابية أو نبرة عاتبة ، أو صوتٍ عالٍ ، أو ريحةٍ كريهة ،وقد يتوقف الناس عن الازعاج فيتلبسنا الازعاج وتغزوناالأفكار فهذه فكرة محبطة أو خطرٌ قادمٍ فتؤذينا كثرة الحساب ، نطمح لأمر عظيم فتقلقنا الافكار و يسرق راحتنا الطموح ،نعجز عن تفسير تصرُّف ، أو تحليلِ موقف فنغرق في الافكار و تختفي منّا راحة البال .
أنه الأذى يلبس كل الثياب و يحضر كل المناسبات ، نفتش عنه في بيتنا فنجده ونبحث عنه في أحبابنا فنلقاه ، يشاركنا أصحابنا فنفارقهم ، لكنه أن شاركنا أفكارنا وأزواجنا وأبائنا وأولادنا فنتحملهم و أبقيناهم وأبقيناه.
للاذى قتلى وجرحى ومرضى وليس من الاذى ناجٍ سليم ، فكيف نحيا معه ؟ نصنع معطف لكل أذى، فالاذى كثير، وحجم الاذى هو حجم البرد لمن يعيش في الاسكيمو فهل المعطف ضروري؟ وليس هناك معطف يناسب كل أنواع الأذي، فكلما زادت تشكيلتنا صرنا نتمتع بالخروج ونتعامل مع الغير وشعرنا بالراحة وصار الخروج أمتع ، فلكل عاصفه معطف ، وصنع المعطف ليس بالامر السهل فهو صنعة تتطلب المهارة ، فالمعطف الجيد ليس بالامر اليسير ، وعمل مجموعة منهم هو عمل جبّار ، الا أنه سيشعرنا بالراحة .
فعندما يكرر ولدك ذات الطلب عدة مرات أفهم أذاك قبل صنع معطفك ، أن الاذى يأتي من تفكيرنا بطلبه مرات ومرات وفي كل مرة تتحرك مشاعرنا تجاهه لذلك فالاذى الاول هو أذى أسماعنا من التكرار ،والاذى الثاني هو أذى نحدثه لانفسنا من التفكير بطلبه والتعاطف معه بالرغم من عدم أجابته ،فهم هذا الأذى جيداً سيضمن صنع معطف جيد
ولا تستخف بالاذى وتخرج بلا معطف للعاصفة ، نعم أنها عاصفة وقد تأذينا بالرغم من أننا نحبها ، ومعطفك يجب أن يكون قويا لان أبنك سيعاود الاذى كثيراً ومعطفك يجب أن يكون لينا لأن من نحب سيضع عليه يديه ، فأن كان طلب ولدك مال لشراء أمر فيه سرف ، فلتخبره أنه ليس من صالحه ، وكرر قول ذات الجملة كلما طلب منك ذالك ولكن بصيغ مختلفه حتى تصل أحداها الى قلبه فيقتنع ، والبس معطفك عن افكارك وعواطفك حتى لا تأذيك .
وكذلك الأذى من الغريب ممن يطيل النظرالينا ، فما يمنع أذاه هو أن لا ننظر اليه أولاً ومعطفنا الثاني أن لا ننظر الى جهته ، ومعطفنا الثالث أن لا نفكر فيه وبعدها سيقل الاذى*
ومعطفٌ لافكارنا المؤذيه فنمنع أذاها ونوقف خوفنا ، أن أذى الافكار لن توقفه كل الدروع الا درع الايمان ، فكل خطر قادم أن لم يمنعه الله عنا لن تستطيع افكارنا منعه وكل حساباتنا لن توقفه ، وكل رجاء نرجوه في المستقبل أن لم يشأه الله لنا فلن تقربه أفكارنا ولن يدنيه ذكائنا فالايمان هو المعطف الواق من الافكار المؤذيه، وكل أذى له معطف لا ينفع الا معه ، ويجب التنبه الى الاذى الذي تحدثه الأفكار و أن هذه الافكار قد تنقلنا من حالة المصاب بالاذي الى المريض أو القتيل فأن أصابك الاذى لا تضيع وقتك بمن هذا الذي أصابني ولم أصابني وكيف أصابني فانه هو الاذي يتلبس علينا و تفكيرنا هذا لن يمنعه من المعاودة ، ولكن لننشغل بصنع معاطفنا فكلما زادت المعاطف قل الاذى ، فمن يعيش بلا معطف كمن يمشي بلا حذاء.
Comments